الإمام الغائب والحاضر في النص: قراءة في تجربة التحول من الوهابية إلى التشيع

 في كتاب "تجربتي مع الإمام محمد بن الحسن العسكري: المنهج الصحيح في عرض حقيقة غيبة الإمام المهدي على الوهابيين"، يقدّم الدكتور عصام العماد رحلةً فكريةً شخصية من الانتماء إلى المنهج الوهابي نحو اعتناق المذهب الاثني عشري، مركزًا على قضية غيبة الإمام المهدي. يعتمد المؤلف على تحليل نقدي للبنية الفكرية الوهابية، مبرزًا كيف تشكّلت الصورة النمطية عن الإمام محمد بن الحسن العسكري عبر خطابٍ يرتكز على مقولات ابن تيمية وابن عبد الوهاب، والتي يصفها بأنها منفصلة عن السياق التاريخي والنصوص الدينية الأصيلة.

يستعرض الكتاب تجربة الكاتب في المعهد العلمي بصنعاء وجامعة الإمام محمد بن سعود، حيث تلقى تعليمًا دينيًا وهابيًا صارمًا، ثم تحوّل بعد قراءات معمّقة في تراث الشيخ المفيد وكتب الاثني عشرية، التي أقنعته بوجود تلازم بين النصوص النبوية والبشارات السماوية في التوراة والإنجيل وبين فكرة غيبة الإمام. يبرز العماد مفهوم "النموذج الفكري" كإطار تفسيري يتحكّم في رؤية الوهابية للتاريخ والعقيدة، معتبرًا إياه حاجزًا أمام فهم الحقائق الدينية المتجذّرة في النقل والعقل.

يستشهد المؤلف بنصوص من "منهاج السنة" لابن تيمية لبيان كيف يُختزل الإمام المهدي في الخطاب الوهابي إلى شخصية أسطورية، مقابل عرضه لروايات الاثني عشرية التي تربط الغيبة بنصوص نبوية وأحاديث الأئمة. كما يستعين بكتابات علماء سنّة مثل ابن كثير والسيوطي لدعم فكرة أن المهدي هو الإمام الثاني عشر، محاولًا كسر الحواجز المذهبية.

ورغم تركيز الكتاب على الجدل العقائدي، إلا أنه يقدّم نقدًا ذاتيًا لمسار التشكيك الذي مارسه الكاتب سابقًا، معترفًا بتأثير البيئة التعليمية والاجتماعية في تشكيل القناعات. يُلاحظ أن العماد يعتمد على لغة تحليلية تحاول تجاوز الانحياز، لكنه يقع أحيانًا في تكرار المفاهيم دون تعمّق في السياقات التاريخية لصراعات المذاهب.

يُعتبر الكتاب محاولةً جريئةً لفتح حوار مع الخطاب الوهابي، عبر تفكيك مرتكزاته وربطه بسياقٍ أوسع من النصوص الدينية.